14 - 05 - 2025

عجاجيات| أختلف معك ولا أطعن ظهرك

عجاجيات| أختلف معك ولا أطعن ظهرك

كثيرا ما أعود الى كليتى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية فرغم أننى تخرجت منها منذ ما يزيد على ٤٣ عاما، إلا أننى كثيرا ما أتخيل نفسى أسير بين طرقاتها وأجلس فى مدرجاتها وأستمع باهتمام لأساتذتها الشوامخ، فأنا وبكل الصدق والتواضع أفتخر بكليتى وأعترف بفضلها فى تكوينى إنسانيا وسياسيا وإعلاميا.

فى رحاب كلية الاقتصاد والعلوم السياسية انبهرت بالدكاترة حامد ربيع أستاذ النظرية السياسية والرأى العام والإعلام الذى علمنا أنه لا ديمقراطية بدون تعددية وبدون تداول سلمى للسلطة عبر صناديق الاقتراع وبدون مشاركة سياسية واسعة، والذى علمنا أن العواقب تكون وخيمة على أى نظام لا يحترم الرأى العام ويتجاهله.. وفى رحاب الكلية تأثرت كثيرا بالأستاذ الدكتور على عبدالقادر أستاذ الفكر السياسى الذى كان يشجعنا على مخالفة ارائه، وكان يقول من سيتبنى وجهة نظرى فى الامتحان سيحصل على تقدير جيد على الأكثر ومن يعارضنى ويختلف معى ويدافع عن وجهة نظره سيحصل على امتياز أو جيد جدا على أقل تقدير.. وفى الكلية أحببت الاستاذ الدكتور العميد كمال المنوفى(المعيد  وقتها) والذى أوصانا ليس المهم ان تقتنع او تتبنى رأى الآخر، ولكن المهم ان تدافع عن حقه فى التعبير عن رأيه والمهم أن تحترم الدوافع التى جعلته يختلف معك أو يعارضك..

الخلاصة أننى تعلمت فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية أن الاختلاف أو المعارضة ليست خيانة، وتعلمت أن المؤيد والمعارض فى حب الوطن سواء.. وبالتالى سأعبر عن رأيى دون خوف من أن يتهمنى أحد بالخيانة، ودون اعتبار لمن يتهور ويزايد ويفعلها.

بكل الاحترام أقول أننى لست راضيا عن أسلوب التعامل مع ملف سد النهضة والدخول فى مفاوضات ماراثونية تحت شعار حسن النية.. بصراحة يمكن لأي إنسان أن يكون حسن النية فيما يخصه هو شخصيا، فيكون حسن النية مع زوج ابنته ويعفيه من كتابة قائمة الأثاث والأجهزة والذهب وخلافه، ولكن ليس من حق أى إنسان أن يكون حسن النية فى مفاوضات تتعلق بمستقبل بلد بحجم مصر وبحق شعبها فى الحياة.

وبكل صدق واحترام لست راضيا عن التعامل مع مخالفات البناء بأثر رجعى، خاصة وأن كل المخالفات تمت تحت سمع وبصر كل أجهزة الدولة وربما بمشاركتها، إما بالموافقة الصريحة أو بغض الطرف.. وأتمنى أن يفتح النظام ملفات المحافظين ورؤساء الاحياء ومهندسى الاحياء الذين تمت فى عهدهم المخالفات ولم يتخذوا الإجراءات لوقفها فى مهدها... وبكل صدق أرفض وأعارض بشدة تشريد أى انسان وحرمانه من منزله بدعوي إزالة المخالفة.

وبكل الصدق والاحترام أقول أننى لست راضيا عن انتخابات مجلس الشيوخ التى تعاملت مع المواطنين أو الناخبين كآخر من يعلم فلم يتم بذل الجهد الكافى للتعريف بالمرشحين وبالقوائم أو حتى التعريف بماهية مجلس الشيوخ ومهامه وماذا سيقدم للمواطنين وكيف سيتكامل مع مجلس النواب.. كما أننى لست راضيا عن السير فى اتجاه عودة الحزب الواحد والرأى الواحد. 

نعم أنا اختلف وأعترض وأعارض كمحب وعاشق لوطنى الحبيب، لكننى لا أخون ولا أطعن فى الظهر.. وسأدعو الله أن يشفى الذي يتهم من يعارض أو يختلف، بالخيانة والعمالة.. فعلينا أن نتعلم أن الكل فى حب الوطن سواء، وأنه لا ديمقراطية حقيقية بدون تعددية وبدون معارضة.
------------------------
بقلم: عبدالغنى عجاج

مقالات اخرى للكاتب

عجاجيات | الرقص فى المترو